منتديات سينما الجزائر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


كل ما يخص السينما
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 منتدبات احلي حب

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فارس الحب


منتدبات احلي حب Stars16



عدد الرسائل : 8
تاريخ التسجيل : 05/07/2009

منتدبات احلي حب Empty
مُساهمةموضوع: منتدبات احلي حب   منتدبات احلي حب Emptyالأحد يوليو 05, 2009 1:04 pm

اسلام عليكم نرحب بكم في منتديات احلي حب نتمني منكم المشاركة في المنتدي واشرفني وجدكم في المنتدي وتعلن ادارة المنتدي عن نقص في المشرفين راشح نفسك الان في منتديات احلي حب ان تكون مشرف او مراقب او نائب المدير ونرجوا منكم المشاركة اتفضل وسجل في المنتدي فقط هو يحتوي علي كل شئ جديد في المنتديات مثال افلام و مسلسلات التركية والعاب الجديد 2009 و برامج جديد و برامج الجوال ومسجات الجوال واناشد طيور الجنة ونتايج الثانوية العام 2009ووعالم الاخبار السياسية والاقتصاد وقصص الانبياء وعالم المراة العربي ومثال ازياء و الجمــال - والأنــاقة - العرائس وشكرا اتفضل الي قلعة احلي حب www.zx-l.dahek.net
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour


منتدبات احلي حب Stars16



عدد الرسائل : 5
تاريخ التسجيل : 02/12/2009

منتدبات احلي حب Empty
مُساهمةموضوع: رد: منتدبات احلي حب   منتدبات احلي حب Emptyالأربعاء ديسمبر 02, 2009 2:05 pm

أحبتي وبصدفة عثرت علو هدا الموقع الجميل جدا أدهلني تصميمه .
إلا أنني وجدت به أشباء أحب التعليق عليها بسرعة :
[size=16]" قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "


بسم الله :
الملخص :

هو اللهو و اللغو و الباطل و الزور و المكاء و التصدية و رؤية الزنى و قرآن الشيطان و منبت النفاق في القلب و الصوت الاحمق و الصوت الفاجر و صوت الشيطان و مزمور الشيطان و السمود.

أسماءه دلت على أوصافه تبا لذي الأسماء و الأوصاف


الحمد لله الذي امتن على عباده بالأسماع و الأبصار
الحمد لله الذى إمتن على عباده بالأسماع و الأبصار.. الحمد لله الذى كرم الإنسان و رفع له المقدار..وأصطفى من عباده المتقين الأطهار ووفقهم للطاعات و صرفهم عن المنكرات وأعد لهم عقبى الدار..أحمده سبحانه فهو الذى خلق المنطق و اللسان وأمر بالتعبد و طاعة الرحمن و نهى عن الغيبه و منكر البيان فسبحانه من إله عظيم يأمر و ينهى و يفعل ما يشاء و ينصب الميزان و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله و سلم و بارك عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار و صلى الله و سلم و بارك عليه ما تعاقب الليل و النهار و نسئل الله ان يجعلنا من امته و أن يحشرنا يوم القيامه فى زمرته
أما بعد، أيها الإخوة و الأخوات:
فهذه ألحان جرت الى أشجان، و ضحكات انقلبت حسرات، و جلسات غمرت بالويلات، انها عبرات أنشرها بين يدي أقوام تعلقت قلوبهم بالمعازف و الألحان، هاجت لها أحاسيسهم و تعلقت بها نفوسهم، أبعثها اليهم لأني أعلم أنهم مؤمنون موحدون، تشتاق نفوسهم الى الجنات، و يعظمون رب الأرض و السموات، هم خلان لنا و أحباب، بل اخوان و أصحاب، نرجو أن يجمعنا الله بهم في الجنات، و لإن كان الشيطان تغلب عليهم تارة، فهم أهل أن يغلبوه تارات. و لكن ماذا أقول؟، و بماذا أبدأ؟. نعم، ماذا أقول عن الغناء؟: صوت العصيان، و عدو القرآن و مزمار الشيطان الذي يزمر به فيتبعه أولياءه. ماذا أقول عن الغناء، و هو قرآن الشيطان و الحجاب الكثيف عن الرحمن،
فلو رأيتهم عند سماع الغنى، و قد علت منهم الأصوات و هاجت منهم الحركات، يتمايلون تمايل السكران، و يتكسرون تكسر النسوان، و كم من قلوب هناك تمزق و أموال في غير طاعة الله تنفق، قضوا حياتهم لذة و طربا، و اتخذوا دينهم لهوا و لعبا. ماذا أقول عن الغناء، و ما أدمن عليه عبد الا استوحش من القرآن و المساجد، و فر عن كل راكع و ساجد، و غفل عن ذكر الرب المعبود، و استأنس بأصوات النصارى و اليهود، و ابتلي بالقلق و الوساوس، و أحاط به الضيق و الهواجس.
فسل ذا خبرة ينبيك عنه لتعلم كم خبايا في الزوايا..
و حاذر ان شغلت به سهاما مريشة بأهداب المنــايا..
اذا ما خالطت قلبا كئيبا تمزق بين أطباق الرزايا..
و يصبح بعد أن قد كان حرا، عفيف النفس، عبدا للصبايا.

ماذا أقول عن الغناء، و قد تغلب على بعض العقول و طغى، و زاد في الضلال و بغى، فلو سألت بعض الناس اليوم عن النبي عليه الصلاة و السلام، عن سنة من سننه أو هدي من هديه، أو طريقة منامه أو استيقاظه وأكله، لقال لك لا أدري. نعم! و من أين له أن يدري، وهو يعكف على هذه الأغاني آناء الليل و أطراف النهار. يدري عن المغنية فلا نة: كيفية أكلها، لون ثوبها، مقاس حذائها، عدد حفلاتها، أسماء ملحنيها. و يدري عن المغني فلان: عن سيارته، عدد أشرطته، ألحان أغنياته، و كأن أحدهم عالم جليل أو داعية نبيل. و ما خلق الله العباد لأجل غناء و فساد، و انما خلقهم ليعبدوه، و يحموا الدين و ينصروه، و من عاش عيش المؤمنين و رفع راية الدين، لم يلتفت الى شيئ من ذلك. نعم، لم يلتفت الى رقص راقص، و لم يستفزه عزف عازف، بل أدرك سر وجوده في الحياة، فعاش لأجله و مات. و انظر الى الذين يعيشون للإسلام، يحيون من أجله و يموتون من أجله، و يسكبون دمائهم فداء له، أقوام صالحون فضلاء، طلقوا الدنيا و خافوا الفتنا، بذلوا لربهم حياتهم و أنفقوا له أموالهم و أذلوا بين يديه جباههم و فارقوا لأجله أوطانهم، يأخذ ربهم من دمائهم، يغسل بها سيئاتهم، و يطيب حسناتهم. و انظر الى صهيب الرومي، رضي الله تعالى عنه، كان من أول من أسلم في مكة، فازداد عليه عذاب المشركين و أذاهم كما ازداد على اخوانه المؤمنين، فلما هاجر النبي صلى الله عليه و سلم الى المدينة، اشتاق صهيب أن يهاجر اليه، فلما شكت قريش في أمره، جعلوا عنده من يحرسه في الليل و النهار، يخرج معه في نهاره و يبيت عنده في ليله. فلما كان في احدى الليالي، اشتاق أن يخرج الى المدينة و أن يصلي مع المسلمين و يذكر الله مع الذاكرين، لكنه لا يستطيع مع وجود هؤلاء الحرس حوله، فلما نام تلك الليلة، تصنع أمام الحرس أنه يريد الخلاء، فخرج معه بعضهم يحرسه. خرج الى خلائه، فلبث قليلا كأنه يقضي حاجته ثم رجع. فلبث قليلا في فراشه، ثم قام كأنه يريد الخلاء، فقام معه الحرس، ثم عاد، فلبث قليلا ثم قام كأنه يريد الخلاء، فلما
قام أربع مرات أو خمس، قال بعضهم لبعض" ان اللات و العزى قد شغلته ببطنه الليلة، فلا عليكم ألا تقوموا معه"، فقام بعدها، مرة و مرتين و ثلاث، فلم يقوموا وراءه، حتى اذا أمنوا أنه سيرجع اليهم، خرج في المرة السابعة أو الثامنة، ثم لازال هاربا من مكة خارجا منها. فلما أبطء عليهم، نظر بعضهم الى بعض، قالوا" قوموا التمسوا خبره"، فخرجوا اليه الى موضع خلاءه فلم يجدوه، فعلموا أنه قد احتال عليهم ، فخرجوا و ركبوا على خيولهم ثم أدركوه على حدود مكة، فلما رآهم، رضي الله تعالى عنه، رآهم مقبلين اليه، رقى على ثنية جبل ثم نثر أربعين سهما بين يديه ثم أخذ سهما منها وضعه في كبد القوس ثم شده، ثم صاح بهم و قال" يا معشر قريش، قد علمتم أني أصوبكم رميا، و والله لا يصل الي رجل منكم الا و قد وضعت في صدره سهما، فماذا تريدون مني بعد ذلك اذا قتلت منكم أربعين رجلا؟"، نظر بعضهم الى بعض، قالوا" قد صدقكم الرجل"، فقال" هل لكم في شيئ خير من ذلك؟"، قالوا"نعم"، قال"أدلكم على موضع أموالي في مكة، فتذهبون اليها، فتأخذونها و تدعوني أذهب بنفسي الى المدينة"، قالوا له" نعم"، قال" اذهبوا الى بيت كذا و كذا، فاحفروا تحت أسكفة الباب، تجدون مالا، خذوه، و اذهبوا الى فلا نة، فان عندها حللا لي، خذوها، و اذهبواالى فلان، فان عنده مال لي، خذوه". ولازال يبين لهم مواضع ماله في مكة، فنظر بعضهم الى بعض قالوا"هذا بيع رابح أن نأخذ هذا المال!"، ثم مضوا الى مكة و مضى هو رضي الله تعالى عنه الى المدينة. لازال يحمله الشوق و يحدوه الأمل في صحبة رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه، ترك ماله و ترك ذلك الوطن، وذلك المال الذي جمعه بكد الليل وتعب النهار، لكنه مع ذلك مادام أنه سلم له دينه فالأمر عند ذلك أهون. حتى اذا وصل الى المدينة، أقبل الى مسجدها و دخل الى رسول الله صلى الله عليه و سلم، فلما رآه النبي عليه الصلاة و السلام مقبلا أشار اليه ثم قال"ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى"، ثم جلس و أنزل الله تعالى فيه قوله {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ {البقرة/ 207} أنزل الله فيه قرآنا يتلى الى يوم القيامة. و لماذا لا يكون جزاءه كذلك و هو الذي لم يلتفت الى لهو و معازف، و لم يدنس دينه ولم يقارف، و انما سمت نفسه الى سماع كلام الرحمن و التقلب في الجنان، قال الله عز و جل{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {الحديد/ 12}و عند أحمد بسند حسن، عن جرير بن عبد الله، رضي الله عنه، قال"خرج النبي صلى الله عليه و سلم مع بعض أصحابه يوما، و ذكر الحديث و فيه أنهم لما برزوا خارجين من المدينة، فاذا براكب يوضع نحوهم، فصوب النبي صلى الله عليه و سلم بصره ثم التفت الى أصحابه و قال"كأن هذا الراكب اياكم يريد"، فلم يلبث أن وقف هذا الراكب على
البعير بين أيديهم، فقال له النبي صلى الله عليه و سلم"من أين أقبلت؟"، قال" أقبلت من أهلي وولدي و عشيرتي"، قال"فأين تريد؟"، قال" أريد المدينة، أريد هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي"، فقال صلى الله عليه و سلم"قد أصبته"، فابتهج الرجل و تهلل وجهه، قال" أنت رسول الله؟"، قال"نعم"، قال" يا رسول الله، علمني ما الإيمان؟"، قال"أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و تقيم الصلاة و تأتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت"، قال الرجل"قد أقررت، أشهد أن لا إله الا الله و أنك رسول الله"، فما كاد الرجل يتم اقراره بالإسلام حتى تحرك به بعيره، فدخلت يد البعير في جحر جرذان، فهوى البعير و هوى الرجل من فوقه، فوقع على هامته، و مازال ينتفض، فقال النبي صلى الله عليه و سلم لأصحابه"علي بالرجل"، فوثب اليه عمار و حذيفة، فأقعداه فلم يقعد، حركاه، لم يتحرك، كلماه، لم يجب، قالا"يا رسول الله، قبض الرجل"، مات، فالتفت النبي صلى الله عليه و سلم اليه ثم أعرض عنه فجأة، ثم التفت الى حذيفة و عمار و قال"أما رأيتما اعراضي عن الرجل؟"، قالا"بلى"، قال"فاني رأيت ملكين يدسان في فمه من ثمار الجنة، فعلمت أن الرجل قد مات جائعا". نعم، أقوام عرفوا للخالق حقه و صدقوا في حبه و تنعموا بقربه، و شكروا له نعمته، كلما ازدادت نعم الله عليهم، ازدادوا بفضله شكرا، و له حبا و تعبدا. أقبل رجل الى ابراهيم بن أدهم، قال"يا امام، ان نفسي تدفعني الى المعاصي، فعظني موعظة"، قال ابراهيم"اذا دعتك نفسك الى معصية الله، فاعصه و لا بأس عليك!"، قال" سبحان الله، أعصي الله!"، قال" نعم، اذا دعتك نفسك الى المعصية، اعصي و لابأس عليك، و لكن لي اليك خمسة شروط"، قال"وما هي؟"، قال له ابراهيم"اذا أردت أن تعصي الله، فاختبئ في مكان لايراك الله فيه"، قال الرجل" سبحان الله، كيف أختفي عنه وهو الذي لا تخفى عليه خافية"، قال ابراهيم"سبحان الله، أما تستحي أن تعصي الله و هو يراك!"، فسكت الرجل ثم قال"زدني" قال ابراهيم"اذا أردت أن تعصي الله، فلا تعصه فوق أرضه"، قال الرجل"سبحان الله، و أين أذهب و كل ما في الكون له"، قال ابراهيم" أما تستحي أن تعصي الله و تسكن فوق أرضه!"، قال الرجل" زدني"، قال ابراهيم" اذا أردت أن تعصي الله، فلا تأكل من رزقه"، قال الرجل" سبحان الله، و كيف أعيش و كل النعم من عنده"، قال ابراهيم" أما تستحي أن تعصي الله و هو يطعمك و يسقيك و يحفظ عليك قوتك!"، قال الرجل"زدني"، قال ابراهيم" فاذا عصيت الله، ثم جائتك الملائكة لتسوقك الى النار، فلا تذهب معهم"، قال الرجل" سبحان الله، وهل لي قوة عليهم، انما يسوقونني سوقا"، قال ابراهيم"فاذا قرأت عليك ذنوبك من صحيفتك، فأنكر أن تكون فعلتها"، قال الرجل" فأين الكرام الكاتبون و الملائكة الحافظون و الشهود الناطقون، و هل أصدق و يكذبون"، ثم بكى الرجل وهو يقول"أين الكرام الكاتبون و الملائكة الحافظون و الشهود الناطقون؟". نعم، هؤلاء أقوام تسامت نفوسهم عن الهوى

و الألحان، و تعلقوا بنعيم الجنان، لم يفلح الشيطان في جرهم الى شهوات و لا مجالس منكرات، زمر الشيطان لهم فلم يتبعوه، و صاح بهم فلم يجيبوه، فصاروا من عباد الله المخلصين. و استمع الى ما حكاه الله عن الشيطان لما عصى أمر الرحمن و أبى أن يسجد لآدم عليه السلام، فطرده الرب من الجنان و حكم عليه بالنيران، فحقد الشيطان على آدم و ذريته، و قال لرب العالمين{ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً {الأسراء/ 62}، ثم قال الله عز و جل { قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا{الأسراء/ 63} ثم بين الله تعالى الطرق التي يضل بها الشيطان بني آدم فقال عز و جل{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} و صوت الشيطان هوالغناء، يحضر معه الشيطان و يغلب عن الإنسان، فما بالك اذا اقترن بكلمات رقيقة و ألحان صفيقة، فهو أهل عند ذلك أن يغلب على الألباب. طلب ملك الروم من أحد الخلفاء أن يرسل اليه رسولا عاقلا، فأرسل اليه الأمام أبا بكر الباقلاني، فلما أقبل الباقلاني على مجلس الملك أمروه أن يدخل راكعا، فأبى عليهم، قال" و الله ما أركع الا لله"، عندها دخلوا على الملك، قالوا له" يا أيها الملك، ان الرجل أبى أن يدخل بين يديك راكعا، و ان رآه الناس غير راكع، استخفوا بأمرك"، فقال لهم الملك"أدخلوه من الباب الآخر"، و كان بابا صغيرا لابد لمن أراد أن يدخل منه أن يحني رأسه، فلما أقبلوا به على ذلك الباب، فهم مرادهم فولى الباب ظهره و دخل يمشي القهقرى على قفاه، ثم اعتدل و وقف أمام الملك، فلما رأى الملك فطنته و عقله أمر عازفا عنده أن يضرب بآلة معه و كان لا يسمعها أحد الا تمايل لها و طرب و اهتز، فلما ضرب العازف بآلته و سمعها الباقلاني، التفت الى الناس فاذا هم يتمايلون، فلما رأى ذلك مال على أصبع يده أو رجله و اجتهد حتى جرحه و نزف منه الدم، فأشغله ألم الجرح عن السماع، خوفا من تسلط الشيطان. و رأت عائشة رضي الله عنها رجلا يحرك رأسه طربا يمنة و يسرة فقالت" أف، شيطان، شيطان، أخرجوه". نعم، صوت الشيطان هو الغناء، ألا ترى أنه يثير الغرائز و الآثام، و يدعو الى الإختلاط و أنواع الحرام، و لعمر الله كم من حرة صارت بالغناء من البغايا، و كم من حر صار به عبدا للصبيان و الصبايا، و كم من غيور تبدلا به اسما قبيحا بين البرايا، و كم من غني أصبح به فقيرا بعد المطارف و الحشايا، و كم من معافا أحل به أنواع البلايا. بالله عليكم أيها العقلاء هل سمعتم مغنيا غنى يوما بالتحذير من الزنى و شرب المسكرات، هل سمعتم مغنيا غنى يوما بالأمر بغض البصر و العفة عن الشهوات أو في حفظ أعراض المسلمين أو شهود صلاة الجماعة مع المؤمنين، كلا، و الله ما سمعنا بشيئ من ذلك، بل يبدأ أغنيته بقوله"يا حبيبي" "يا بعد روحي"، ثم يصف الخد و القد، و العينين و الوجنتين، و هذا ظاهر لكل من تأمل في الأغاني، بل ظاهر لكل من نظر الى أسماء الأغاني، أغنية بعنوان "آه يا زين"،
و أخرى" آخر غرام"، و ثالثة "الهوى ما هو كلام"، و رابعة "ليلة مع حبيبي"، "سألت علي بحبها" "يا أهل الهوى" "آه يا ويلي"، و ما تكاد تسمع فيها الا الحب و الغرام، و العشق و الهيام، مع ما فيها من فتنة الرجال بأصوات النساء، و فتنة النساء بأصوات الرجال، و مع ما فيها من تغنج و دلال، و انك لتعجب و تعجبين اذاعلمت أن قول الله تعالى للمؤمنات {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، معناه ألا تضرب المرأة الأرض برجلها بقوة و هي لابسه خلاخل في قدميها حتى لا يسمع الرجال صوت الخلاخل فيفتنون، عجبا! اذا كان سماع الرجل صوت حلي المرأة حراما، فما بالك بمن تغني و تتمايل و ترفع صوتها بالضحكات و الهمسات، كيف بمن تتكسر في صوتها و تتميع في كلامها، تتأوه و تتغنج، فتثير الغرائز و الشهوات، و تدعو الى الفواحش و المنكرات، و هذا كله من اشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، و قد توعد الله من فعل ذلك بقوله { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا ما هو جزاءهم؟، {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النور/ 19} و هذا الوعيد في الذين يحبون فقط، مجرد محبة، لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة، فكيف بمن يعمل على اشاعتها!، لذا قال ابن مسعود رضي الله عنه" الغناء رقية الزنى"، أي هو طريقه و وسيلته، عجبا! هذا كان يقوله ابن مسعود لما كان الغناء يقع من الجواري و الإيماء المملوكات، لما كان الغناء بالدف و الشعر الفصيح ، و بقول ابن مسعود هو رقية الزنى، ليس فيه رقصات و لا لمسات و لا همسات، و يقول رقية الزنى، فماذا يقول ابن مسعود لو رآى زماننا هذا، و قد تنوعت الألحان و كثر أعوان الشيطان، أصبحت الأغاني تسمع في البر و البحر، و السيارات و الطائرات، و المطارات و ألعاب الأطفال و أجهزة الجوال. فالغناء و الله هو رقية الزنى و داعية الخنى و مزمار الفساد و ضلال العباد. ذكر ابن خزامة في التوابين، أن رجلا عابدا، مر يوما ببيت، فسمع جارية تغني داخل البيت، فوسوس اليه الشيطان، فبطء خطاه ليسمع، رآه صاحب الدار، خرج اليه ثم قال"هل لك أن تدخل فتسمع؟"، قال"أعوذ بالله"، فلم يزل به حتى وافق و قال"أقعدني في موضع لا أراها فيه و لا تراني"، قال صاحب الدار"نجعل بينكما سترا"، فدخل و جلس خلف الستر، فتغنت و تغنجت، و تأوهت و ضربت بسلاح الشيطان، فأعجبته و اشتاق اليها، فقال صاحب الدار"هل أكشف الستر؟"، قال"لا"، فلم يزل يه حتى كشفه فرآها، فاجتمعت فتنة السمع و البصر، فلم يزل يسمع غناءها حتى شغفت به و شغف بها، فأصبح في كل يوم يستمع اليها، و افتضح أمره و أمرها، فلما تمكن الشيطان منه و منها، قالت له يوما"أنا و الله أحبك"، قال" و أنا أحبك"، فدعته الى الفاحشة، و قالت"ما يمنعك، فو الله ان الموضع لخال"، فانتفض و قال"بلى، و لكني لا آمن أن أفاجأ بالقضا، ثم بجمر كالغضى، ثم بسياط و زقوم، و تهويل و رجوم"، ثم نهض من عندها و عيناه تذرفان، فلم يرجع اليها بعد. فانظر كيف كاد يهلكه
الشيطان بسماع المعازف و الألحان. و قال علي ابن الحسين" كان لنا جار من المتعبدين، قد برز في الاجتهاد، صلى حتى تورمت قدماه، و بكى حتى مرضت عيناه، فاجتمع اليه أهله و جيرانه و سألوه أن يتزوج حتى تسري عنه الزوجة قليلا، فخشي أن يتزوج حرة فتشغله عن طاعة ربه، فاشترى جارية يقضي منها وطره، و كانت مغنية و هو لا يعلم، فبينما هو ذات يوم في محرابه يصلي، رددت الجارية أبياتا و لحنتها و رفعت بالغناء صوتها، فسمعها و هو في محرابه، فطار صوابه، و ثقلت عليه صلاته فقطعها، فأقبلت الجارية عليه، قالت" يا مولاي، قد أبليت شبابك، و أتعبت حياتك و رفضت لذاتك، فلو سمعت غنائي و تمتعت بشبابي"، فمال الى قولها و اشتغل باللذات عما كان فيه من الصلوات، فبلغ ذلك بعض أصحابه العباد، فكتب اليه"بسم الله الرحمن الرحيم، من الناصح الشفيق، و الطبيب الرفيق، الى من سلب حلاوة القرآن و الخشوع و الأحزان، بلغني أنك اشتريت جارية، بعت بها من الآخرة حظك، فان كنت بعت الجزيل بالقليل، و القرآن بالقيان، فاني محذرك هادم اللذات و منغص الشهوات و ميتم الأولاد و البنات، فكأنه قد جاءك على غرة، فأبكم منك اللسان و هد منك الأركان و قرب منك الأكفان و احتوشك الأهل و الجيران"، ثم طوى الكتاب و بعثه مع غلام عنده. دخل عليه الغلام، فناوله الكتاب، وهو في مجلس سروره و غناءه، فلما قرأ الكتاب، انتفض و غص بريقه و نهض مبادرا من مجلس سروره، و كسر آنيته و هجر مغنيته، و تاب من الغنا، و تعبد لرب الأرض و السماء، فلما مات رآه صاحبه في المنام، قال" يا فلان، ما فعل الله بك؟"، فقال" قدمنا على رب كريم، أباحنا الجنات بما فيها". نعم، أباحه الجنات بما فيها، و كم من شاب تعلق قلبه بمغنية فاجرة، يهتز فؤاده كلما سمع صوتها أو رأى صورتها، و كم من فتاة عفيفة سمعت مطربا فاجرا فاشتاقت الى صوته و صورته، ولا تعجب اذا رأيته أو رأيتها يعلقون الصور و يجمعون الأشرطة و القلب يهوى و يتمنى
فيا من يرى سقمي يزيد و علتي أعيت طبيبي..
لا تعجبن، فهكذا يجني الغناء على القلوب..
بل قد قرن النبي عليه الصلاة و السلام بين الغناء و الخمر و الزنى، فقال فيما رواه البخاري(ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر- يعني الزنى-و الحرير و الخمر و المعازف)، و معنى يستحلون أنهم يفعلون هذه المحرمات فعل المستحل لها بحيث يكثرون منها و لا يتحرجون من فعلها أو أنهم يبحثون عمن يفتيهم بحلها. و صح عند الترمذي أنه صلى الله عليه و سلم قال
(نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نعمة، لهو ولعب و مزامير شيطان، و صوت عند مصيبة، لطم وجوه و شق جيوب)، فسمى الغناء صوتا أحمقا فاجرا لأنه لأهل الحمق و الفجور. و سئل ابن مسعود عن قوله تعالى { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} ، قيل" ما هو لهو الحديث؟"، فقال" و الله الذي لا إله إلا هو إنه الغنا"، فصدق ابن مسعود و ان لم يقسم. و سئل محمد ابن الحنفية عن قوله تعالى {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا {الفرقان/ 72} ، قيل له"ما هو الزور؟"، قال"هو الغنا لأنه يميل بك عن ذكر الله"، وقال تعالى لكفار قريش { أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ {النجم/ 59} وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ {النجم/ 60} وَأَنتُمْ سَامِدُونَ {النجم/ 61} ، قال ابن عباس"سامدون=مغنون"، تقول العرب"اسمد لنا"، أي غني لنا. و وصف الله تعالى أحوال عباد الأصنام عند البيت الحرام، فقال عز و جل {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً} ، و المكاء و التصدية نوع من المعازف و هو التصفيق و التصفير. و من عظم خطر الغناء، توعد النبي عليه الصلاة و السلام سماع المعازف بالمسخ و القذف، فروى الترمذي بسند حسن أنه صلى الله عليه و سلم قال(يكون في أمتي خسف و قذف و مسخ، قيل "يا رسول الله، متى؟"، فقال"اذا ظهرت القينات و المعازف و استحلت الخمر)، و قال صلى الله عليه و سلم(ليكونن من أمتي أقوام يشربون الخمر و يعزف على رأوسهم بالقيان، يمسخهم الله قردة و خنازير)، و القيان جمع قينة و هي المرأة المغنية. سيعاقب الله هذه الأمة بما عاقب به الأمم من قبلنا، أن يخسف الله بهم الأرض أو يمسخهم قردة و خنازير أو تنزل عليهم حجارة من السماء، فمتى يكون ذلك؟، يكون اذا ظهرت المعازف و انتشرت و كثرت، و هاهي آلات المعازف لا تكاد تحصى عددا، بل هاهي مدارس العزف و الموسيقى تنتشر في كثير من بلاد المسلمين، و هاهن المغنيات، المائلات المميلات، يحركن الشهوات، بل هاهم الأعداء يفتكون بأرواح الثكالى و يعبثون بأعراض العذارى، و فريق من قومنا في لهوه و طربه، لا يجاهد مع مجاهدين، و لا يهتم بأمر المسلمين.



العزف و الرقص و المزمــار عدتنـــــا..
و الخصـــم عدتـه علـــم و آلات..
تقـود أمتــنا بالحـــرب غانيــــة..
و الجيش في الحـــرب قد ألهته مغـنات..
كـم بددوا المــال هدرا في مبادلـــهم..
و في ليــــالي الخنا طاعت مروئــات..

نعم ، هذا شكل الغناء. و لم يبقى الا أن يتحقق الوعيد في الخسف و المسخ و القذف بالحجارة و الحديد. و من تتبع الكتاب و السنة، وجد أن للغناء أسماء عدة، كلها تدل على ضلاله، فهو اللهو و اللغو و الباطل و الزور و المكاء و التصدية و رؤية الزنى و قرآن الشيطان و منبت النفاق في القلب و الصوت الاحمق و الصوت الفاجر و صوت الشيطان و مزمور الشيطان و السمود.
أسمــاءه دلــــــــت على أوصافه..
تبــــا لذي الأسمـــاء و الأوصاف..
و قد تكاثر و تواتر كلام الأ ئمة الأطهار و العلماء الأبرار في التحذير من الغناء. ففي المسند أن ابن عمر رضي الله عنهما خرج يوما في حاجة، فمر بطريق فسمع زمارة راع، فوضع أصبعيه في
أذنيه حتى جاوزه. فقل لي بالله عليك، أزمارة راع أولى بالتحريم و الترك، أم هذا الغناء الذي يتغنج فيه المطرب و المطربة، فيفتن القلوب و يشغل الأرواح عن علام الغيوب!!. و قال عمر ابن عبد العزيز لأبناءه"أحذركم الغناء، أحذركم الغناء، أحذركم الغناء، فما استمعه عبدا الا أنساه الله القرآن". و كتب الى مأدب ولده"ليكن أول ما يعتقدون من أدبك، بغض الملاء التي مبدأها من الشيطان و عاقبتها سخط الرحمن. و جاء رجل الى ابن عباس رضي الله عنهما، فقال"يا ابن عباس، أرأيت الغناء، أحلال هو أم حرام؟"، رجل يسأل عن غناء الأعراب في البوادي، الذي ليس فيه معازف، و ليس فيه تصوير و لا (فديو كليب) و لا لباس عار و لا قصات فاتنة و لا رقصات ماجنة، غناء الأعراب في البدو، "هل يجوز يا ابن عباس؟"،"هل هو حلال أم حرام؟"، فقال ابن عباس"أرأيت الحق و الباطل اذا جاءا يوم القيامة، فأين يكون الغناء؟"، فقال الرجل" يكون مع الباطل"، فقال ابن عباس"فماذا بعد الحق الا الضلال!، اذهب فقد أفتيت نفسك". أما أبو بكر فكان يسمي الغناء مزمار الشيطان. و سأل رجل الإمام مالك عن الغناء، فقال"ما يفعله عندنا الا الفساق". و سئل الإمام أحمد عن الغناء فقال" الغناء ينبت النفاق في القلب و لا يعجبني"، و الشافعي سماه دياثة و أبو حنيفة أفتى بالتحريم. فالغناء مبدأه من الشيطان و عاقبته سخط الرحمن، نعم، كيف لا وهو يحرك النفوس الى كل قبيح و يسوقها الى وصل كل مليحة و مليح، فهو و الخمر رضيعا لبان و هما في القبائح فرسا رهان، فاذا سمعه أحد قل حياءه و فرح به شيطانه و اشتكى الى الله ايمانه و ثقل عليه قرآنه، و تراه يميل برأسه و يهز بمنكبه و يضرب الأرض برجليه و يصفق بيديه، و تارة يتأوه تأوه الحبيب و تارة يصرخ كالمجانين، كما قال أحدهم لصاحبه:
أتذكر ليلة و قد اجتمعنا على طيب الغناء الى الصباح..
و دارت بيننا كأس الأغاني فأسكرت النفوس بغير راح..
فلم ترى فيهم الا سكارى سرورا، و السرور هناك صاح..
اذا نادى أخ اللذات فيهم أجاب اللهو حي على السفاح..
و لم نملك سوى المهجات شيئا أرقناها لألحاظ الملاح..
نعوذ بالله من هذه الأحوال. و قال يزيد بن الوليد"يا بني أمية، اياكم و الغناء فانه يذهب الحياء و يزيد الشهوة و يهدم المروءة و انه لينوب عن الخمر و يفعل ما يفعل السكر، فان كنتم لابد فاعلين، فجنبوه النساء، فان الغناء داعية الزنى". و سمع سليمان بن عبد الملك، الخليفة، صوت غناء يوما،
فغضب و أحضر المغنين و قال"ان الفرس ليصهل فتستودق له الرمكة"، يعني الذكر من الخيل يصهل فتسمعه الأنثى فتستعد للوطء،" و ان الفحل ليهدر فتضبع له الناقة، و ان التيس لينب فتستحرم له العنز، و ان الرجل ليتغنى فتشتاق له المرأة"، ثم أمر بخصائهم ليحمي منهم النساء. و قال بعض السلف الغناء يورث النفاق في قوم و العناد في قوم و الكذب في قوم و الخبث في قوم و الرقة، أي الميوعة، في قوم. بل كان العقلاء يترفعون عن الغناء، قال معمر بن المثنى" رحل الحطيئة الشاعر مع بناته فجاور قوما من بني كلب، فخافوا أن يرى منهم شيئا يكرهه فيهجوهم، فأتوه فقالوا"يا أبا مليكة، انه قد عظم حقك علينا بتخطيك القذا الينا، فامرنا بما تحبه فنأتيه، وامرنا بما تكره فننهيه"، فقال"لا تأتوني كثيرا، فتملوني، و لا تسمعوني أغاني شفيفاتكم، فان الغناء رقية الزنى"، يعني و ان عندي بنيات. لذا أجمع العلماء على تحريم الغناء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله"فانهم متفقون- يعني اتفق الأ ئمة الأربعة-على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو كالعود و نحوه"، و قد حكى الإجماع على تحريم المعازف الإمام القرطبي و أبو الطيب الطبري و ابن الصلاح و ابن رجب الحنبلي و ابن القيم و ابن حجر الهيثمي و غيرهم. فهل بعد هذه الأقوال من قول في اباحة هذه الآفة، هل يأخذ بعد ذلك قول أحد الا أن يكون الدافع الى ذلك الهوى و الشهوة، نعوذ بالله من زيغ الهوى و تحكم الشهوات، أما الغناء اليوم، فهو و الله أعظم و أطم، يقترن بالتصوير الفاضح للبغايا و المميسات، فما من مطرب الا و يترنح حوله نفر من الراقصات، و ما من مطربة الا و حولها نفر من الرجال، يتراقصون و يتمايلون، فمن يجيز مثل هذا يا أمة الإسلام، من يجيز مثل هذا الإختلاط و السفور و الرقص و تعرية النحور!!، اضافة الى شرب الخمور و المسكرات في أغلب الأوقات، فلا يحلو الطرب و الغناء الا به، مع العري الفاضح و الحضور الواضح للراقصات المحترفات و البغايا السافلات و انتهاء هذه الحفلات غالبا بجريمة الزنى، حتى و ان خلت هذه الحفلات من شرب الخمر و من الإختلاط و الزنى، فلا تخلو غالبا من انفاق الأموال الطائلة في هذه المعصية للمطربين و المنظمين و العازفين و ايجار الصلات و تكاليف الحفلات، ظلمات بعضها فوق بعض، و الله يقول { إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}، هل غناء السابقين أولى بالتحريم أم هذا الغناء اليوم، ابن عباس يحرم الغناء، ابن مسعود يحذر منه، جابر بن عبد الله يصفه باللهو، مسحول، مجاهد، ابن تيمية، ابن القيم، العلماء المعاصرون، كلهم يحذرون منه، كلهم يحرمونه. فبقول من تقتنع ان لم تقتنع بقول هؤلاء، و قد روي أنه صلى الله عليه و سلم كان في سفر و معه حادم اسمه أنجشة يحدو للإبل لتسرع الإبل في سيرها، أي ينشد الأشعار الراقية الفصيحة بلحن لتسمعه الإبل فتنشط للمسير، و كان حسن الصوت، فلما حدا و رفع صوته، خشي النبي صلى الله عليه و سلم
على النساء آخر القافلة، فالتفت اليه ثم قال"يا أنجشة، رويدك يا أنجشة، رفقا بالقوارير"، يعني النساء. قال ابن القيم"و الذي شاهدناه نحن و غيرنا و عرفناه بالتجارب أنه ما ظهرت المعازف و آلات اللهو في قوم و فشت فيهم و اشتغلوابها الا سلط الله عليهم العدو و بلوا بالقحط و الجذب و ولاةالسوء".

فدع صاحب المزمار و الدف و الغنـا..
و ما اختاره عن طاعة الله مذهبا..
ودعـه يعش فـي غيه و ضلالــه..
على تنتنا يحيى و يبعث أشيبــا..
و في تنتنا يـوم المــعاد تسـوقـه..
الى الجنة الحمراء يدعى مقربــا..
سيعلم يوم العرض أي بضاعة أضاع..
و عند الوزن ما خف أو ربـى..
ويعلم ما قد كـان فيه حيـــاته..
اذا حصلت أعماله كلها هبــا..
دعــاه الهدى و الغي من ذا يجيبه..
فقال لداعي الغي أهلا و مرحبـا..
و أعرض عن داعي الهدى قائلا له..
هواي الى صوت المعازف قد صبى..
يراع و دف بالغناء و راقـــص..
و صوت مغني صوته يقنص الظبى..
اذا ما تغنـى فالظبــاء تجيبــه..
الى أن تراها حوله تشبه الذبى..
فما شئــت من صيد بغير تطـارد..
و وصل حبيب كان بالهجر عذب..
فيا آمري بالرشد، لو كـنت حاضرا..
لكان تواري اللهو عندك أقرب..

أما كلمات الأغاني، فهي أعجب، فيها من المحادة لله و رسوله، و من الشرك الأكبر و الأصغر و من التعدي على الرسل الكرام و الإعتراض على رب العالمين و على ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ، الشيئ الكثير. وهو يسمع و يذاع، فقد لحنوا الكفر الصريح، كما في قصيدة الشاعر النصراني الذي يقول" جئت لا أعلم من أين، و لكني أتيت، و لقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت، و سأبقى
سائرا فيه شئت هذا أم أبيت، كيف جئت، كيف أبصرت طريقي؟، لست أدري". و تقول قائلتهم في أغنيتها" لبست ثوب العيش و لم أستشر"- يعني خلقني ربي و لا أستشارني قبل أن يخلقتي-، و الله يقول { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ}، كما أنهم يصرحون بعبادة المحبوب و لأجله يعيشون في الدنيا، بل انهم يقولون ما خلقوا في هذه الدنيا الا في الا من أجله، قال قائلهم"عشت لك و علشانك"، و الله يقول { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الأنعام/ 162}. و تجد من المغنين من يصرح أثناء أغنيته بعبادة المحبوب كقول أحدهم"أعشق حبيبي، و اعبد حبيبي"، و آخر يقول"أنا أعبدك"، و آخر يقول في أغنيته"الحب بالشرع فرض على الجميع ارتياده، قلت المحبة عندي لو تعلمين عبادة"، و بعضهم ينافي ويضاد و يكذب على رب العباد، يقول أحدهم في أغنيته" الله أمر- بالصلاة و الصوم،لا، بقراءة القرآن،لا- الله أمر لعيونك أسهر"، سبحان الله،
{إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}. أما اعتدائهم على أنبياء الله و رسله، فاسمع الى أحدهم و هو يصف أثناء أغنيته موقفه لما فارقه محبوبه و كيف كان حزنه عليه، يقول أثناء الأغنية" صبرت صبر أيوب، و أيوب ما صبر صبري"، اعتداء فاحش على ذاك النبي الذي ابتلاه الله سنوات طويلة فصبر حتى قال الله عنه {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }، أما الإعتراض على القضاء و القدر و لوم رب العالمين، فلهم فيه النصيب الأوفر، يقول قائلهم في أغنيته، يقول، ليه القسوة ليه، ليه الظلم ليه، ليه يا رب ليه؟"، هكذا يتهم الله عز و جل بالقسوة و الظلم، و هذا المغني هو الآن تحت أطباق الثرى، الله أعلم ماذا يفعل به، بسأل الله لنا و لكم حسن الخاتمة و الستر في الدنيا و الآخرة. و منهم من يصرح أنه مستعد للذهاب الى جهنم مادام مع محبوبته، و كأن الجنة و النار تحت تصرفه. يقول أحدهم في أغنيته" يا تعيش وياي في الجنة، يا أعيش وياك في النار، بطلت أصلي و أصوم، بدي أعبد سماك، لجهنم ماني رايح الا و أنا وياك". و آخر يقول في أغنيته"علشانك انتي أنكوي بالنار و ألقح جثتي، و أدخل جهنم و أقول يا لهوتي". و ثالث يقول في أغنيته"خديلك الجنة و عاطيني النار مادام هذا كل ما تشتهينه". و مغنون يستهزؤون بالعبادات و الصلوات كقول أحدهم"صوتك ذكرياتي و عدتي و صلاتي". بل حتى منزلة الشهداء الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون، ادعوا الوصول اليها بالغناء، كما يقول أحدهم"يا ولدي، قد مات شهيدا من مات فداءا للمحبوب". بل لهم مخالفات في العقيدة، كقول أحدهم" جلست و الخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب، قالت يا ولدي لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب"، اشتمل هذا الكلام على جلوس هذا الفاجر مع امرأة كاهنة مشعوذة تقرأ الفنجان و تدعي علم الغيب، بل اشتمل على الكذب على الله في أنه كتب الحب على هذا الرجل. و في أغانيهم من الإستغاثة بغير الله و نداء الأموات الشيئ
الكثير، يقول قائلهم و هو يصف لما فارقه المحبوب و ماذا فعل، يقول"فقلت مدد يا نبي مدد"، أما الحلف بغير الله فهو كثير، كقولهم في أغانيهم(و حياتك و حيات عينيك)، و آخر يقول في أغنيته، يقول "ماقدرش على كده و مقام السيدة"، يحلف بقبر السيدة، و النبي صلى الله عليه و سلم يقول(من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك). و يشيع عند المغنين سب الدهر و الساعة و الزمان و العمر، كقولهم" الله يلعن اليوم، ملعونة الساعة"، و قول الآخر"كتاب حزين كله مآسي، جابني في زمن غدار قاسي" و النبي صلى الله عليه و سلم يقول(لا تسبوا الدهر). ثم هم يعتدون على ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ، كما قال أحدهم في أغنيته"الفرح مسطر غلط مكتوب" يعني أن الذي كتبه الله في اللوح المحفوظ غلط، كان سيكتب فرح و كتب حزن. و تأمل في قول كوكب الشرق و هي تغني و تقول"ما أضيع اليوم الذي مر بي –" من غير أن أصلي و أصوم، لا، من غير أن أتقرب الى الله، لا- تقول" ما أضيع اليوم الذي مر بي من غير أن أهوى و أن
أعشق "، تتحسر على اليوم الذي مر بها دون أن تهوى و أن تعشق. و في بعض الأغاني استخفاف بالقبر و الموت، هذا مطرب مشهور يقول في احدى أغنياته" أوصي أهلي و خلا ني حين أموت يضع في قبري ربابة و عود"، بل منهم من يكفر فيستهزأ بالقرآن و يغني بكلام الرحمن و يضرب عليه بمزمار الشيطان، بعضهم قد يغني السورة كاملة كما غنى بعض فجارهم سورة الزلزلة، و منهم من غنى سورة الكافرون و منهم من غنى سورة الفاتحة، و أحيانا يدخلون بعض الآيات خلال الأغنية كقول أحدهم في أغنيته"حبك سقر و ما أدراك ما سقر". و كل هذا الكلام مسجل في أشرطة. هذا بعض ما يقال، أيها العقلاء، لقد اعتدى هؤلاء المغنون غلى الشريعة، و ما أبقوا عزيزا الا أذلوه، و لا غاليا الا لطخوه، أصلا أيها العقلاء لو تأملتم من الذي يكتب كلمات الأغاني، من الذي يكتبها؟، ابن تيمية، ابن القيم، ابن باز، ابن العثيمين، الألباني!!، كتب كلماتها في الغالب شاعر فاجر، اما عاشق ماجن أو فاسق خائن أو ضال لا يسجد لله سجدة، و قد يكتب الكلمات نصراني و يلحنها يهودي و يعزف عليها بودي و يغنيها فاجر أو فاجرة. و ان شئت فانظر الى أشرطة الغناء و اقرأ أسماء المغنين، ستجد من بينهم نصارى سواء من نصارى العرب أو غيرهم، و ستجد لا دينيين وستجد فجرة كفرة، لا يصلون و لا يعظمون الدين. و لولا الحرج و الله لذكرت لكم بعض أسمائهم. أيها الأحبة الفضلاء، هذه أحوال الغناء و أهله، طرب و مزمار و فضائح و أسرار، و غفلة بالليل و النهار، و مما يعين المرء على التوبة من الغناء و طاعة رب الأرض و السماء، الرغبة في دار أخرى، فيها متع عظيمة، و التفكر في السماع في دار القرار فان من صرف استمتاعه في هذه الدار الى ما حرم الله عليه منعه من الاستمتاع هناك، قال صلى الله عليه و سلم(من يلبس الحرير في الدنيا
لم يلبسه في الآخرة، و من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة)، فلا يكاد يجمع للعبد بين لذائذ الدنيا المحرمة و لذائذ الآخرة الدائمة، فمن تلذذ في الدنيا بشرب الخمر و لبس الحرير و سماع الغنا، خشي عليه أن يحرم من هذا كله في الآخرة. و من تعلقت نفسه بالجنات و ما أعد الله فيها من المتع، هانت عليه جميع متع الدنيا، قال الله تعالى {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ {الروم/ 14} فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ {الروم/ 15} ، يحبرون: الحبرة هي اللذة والسماع. قال ابن عباس رضي الله عنهما" في الجنة شجرة على ساق قدر ما يسير الراكب في ظلها مئة عام، فيتحدثون في ظلها فيشتهي بعضهم و يذكر لهو الدنيا فيرسل الله ريحا من الجنة فتحرك تلك الأغصان بكل لهو كان في الدنيا. و قال محمد بن المنكدر"اذا كان يوم القيامة، ناد مناد أين الذين كانوا ينزهون أسماعهم و أنفسهم عن مجالس اللهو و مزامير الشيطان، أسكنوهم رياض المسك، ثم يقول للملائكة أسمعوهم تمجيدي و تحميدي". قال ابن عباس"
و يرسل ربنا ريحا تهز دوائب الأغصـــــــان..
فتثيرأصواتا تلذ لمسمع الإنسان كالنغمات بالأوزان..
يا لذة الأسماع لا تتعوضي بلذاذة الأوتار و العيـدان..
وا هل لذياك السماع فانه ملئت له الأذنان بالإحسان..
وا هل لذياك السماع و طيبه من مثل أقمار على أغصان..
وا هل لذياك السماع فكم به للقلب من طرب و من أشجان..
وا هل لذياك السماع و لم أقل ذياك تصغيرا له بلسـان..

و قال شهر بن حوشر رحمه الله" ان الله جل ثناءه يقول للملائكة ان عبادي كانوا يحبون الصوت الحسن في الدنيا فيدعونه من أجلي، فأسمعوا عبادي"، قال" فيأخذون بأصوات من تسبيح و تكبير لم يسمعوا بمثله قط"، و لهم سماع أعلى من هذا كله، يضمحل دونه كل سماع و ذلك حين يسمعون كلام الرب جل جلاله و سلامه عليهم و خطابه و محاضرته لهم، و يقرأ عليهم كلامه فاذا سمعوه كأنهم لم يسمعوه قبل ذلك،

فنزه سماعك ان أردت سماع ذياك الغنا عن هذه الألحان..
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتحرم ذا و ذا يا ذلة الحرمان..
ان اختيارك للسماع النازل أدنى على الأعلى من النقصان..
و الله، ان سماعهم في القلب و الإيمان مثل السم في الأبدان..
و الله، ما انفك الذي هو دأبه أبدا من الإشراك بالرحمن..
فالقلب بيت الرب جل جلاله حبا و اخلاصا مع الإحسان..
فاذا تعلق بالسماع أصاره عبدا لكل فلانة و فلان..
حب الكتاب و حب ألحان الغنا في قلب عبد ليس يجتمعان..
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا تقيده بشرائع الإيمان..
و اللهو خف عليهم لما رأوا ما فيه من طرب و من ألحان
قوت النفوس و انما القرآن قوت القلب أنا يستوي القوتان
يا لذة الفساق نفس كلذة الأبرار في عقل و لا قرآن..

فيا سامع الغناء، أيها المؤمن الموحد { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ {الحديد/ 16}
يا سامع الغناء {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ {الأنفطار/ 6} الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ {الأنفطار/ 7} فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ {الأنفطار/ 8}
يا سامع الغناء {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور/ 51} وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ {النور/ 52}
يا سامع الغناء{وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {البقرة/ 281}
يا سامع الغناء تصور نفسك و أنت بين زملا ئك في لهو و طرب و اعراض و لعب، و فجأة اذ خسف الله بكم الأرض أو مسخكم قردة و خنازير كما توعد النبي عليه الصلاة و السلام أهل الغناء، فما موقفك؟، ما مصيرك؟، كيف يكون جوابك عند الجبار جل جلاله و أنت على هذا الحال؟
يا سامع الغناء، أرأيت لو سلب الله سمعك فصرت تقعد بين الناس، لا تدري عنهم اذا تكلموا، و لا تفهم مرادهم اذا ضحكوا، تتلفت بينهم بعينيك أو تشير لهم بيديك، {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى {العلق/ 6} أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى {العلق/ 7}
يا سامع الغناء أين المؤمنون{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {الأنفال/ 2} ، أين الذين اذا سمعوا حكم الله ذلوا و أطاعوا وأذعنوا و انصاعوا، أما تخشى سوء الخاتمة فتلقى الله سامعا أو مغنيا أو عازفا؟، و كم من أحد و الله مات و هو يردد الأغاني. ذكر ابن القيم أن رجلا من أهل الغناء و المعازف حضرته الوفاة، فلما اشتد به نزع روحه قيل له" قل لا

إله إلا الله"، فجعل يردد أبياتا من الغناء، فأعادو عليه التلقين"يا فلان قل لا إله الا الله"، فجعل يردد الأغاني، فلما ثقل لسانه عن ترديد الكلمات، جعل يردد الألحان، يقول" تنتنا، تنتنا، تنتنا"، حتى خرجت روحه من جسده و هو انما يلحن و يغني. و أما في عصرنا، قيقول أحد العاملين في أمن الطرق"كانت مهنتي الأمن و مراقبة السير، تعودت على مشاهدة الحوادث و المصابين. ذات يوم، كنت في دورية أراقب الطريق معي أحد الزملاء، و فجأة سمعنا صوت ارتطام قوي، التفتنا فاذا سيارتان قد ارتطمتا و جها لوجه بشكل مروع. أسرعنا لإ نقاد المصابين. حادث لا يوصف، في السيارة الأولى شخصان في حالة خطيرة، أخرجناهما من السيارة و الدماء تسيل منهما و هما يصيحان و يتأوهان. و ضعناهما على الأرض، أسرعنا لإخراج صاحب السيارة الثانية، و جدناه قد فارق الحياة، عدنا للشخصين فاذا هما في حالة احتضار، هب زميلي يلقنهما الشهادة، اقترب منهما يقول"قولا لا اله الا الله، لااله الا الله" و هما يإنان و يتأوهان و صاحبي يردد"لا اله الا الله" و هما لا يستجيبان، حتى اذا بدأ بهما النزع و اشتد شهيقهما بدآ يرددان كلمات من الأغاني، لم أستطع أن أتحمل الموقف، بدأت أنظر اليهما و أنتفض و صاحبي يكرر عليهما، يرجوهما" قولا لا اله الا الله" و هما على حالهما، حتى بدأ صوت الغناء يخف شيئا فشيئا، سكت الأول، تبعه الثاني، لا حراك، فارقا الحياة. حملناهما الى السيارة مع الميت الأول، أخذنا نسير بهؤلاء الموتى الثلاثة، صاحبي مطرق لا يتكلم. فجأة التفت الي ثم حدثني عن الموت و حسن الخاتمة و سوئها، ثم وصلنا الى المستشفى و أنزلنا الموتى و مضينا الى سبيلنا. أصبحتها بعدها كلما أردت أن أسمع الأغاني برزت أمامي صورة الرجلين و هما يودعان الدنيا بصوت الشيطان. و بعد ستة أشهر و قع حادث عجيب، شاب يسير بسيارته سيرا عاديا، تعطلت سيارته في أحد الأنفاق، نزل من سيارته لإ صلاح احدى العجلات. عندما وقف خلف السيارة لينزل العجلة السليمة، جاءت سيارة مسرعة و ارتطمت به من الخلف، سقط الشاب مصابا اصابات بالغة، اتصل بعض الناس بنا، توجهت مع أحد زملائي الى موقع الحادث سريعا، شاب في مقتبل العمر ممدد على الأرض عليه مظاهر الصلاح، اصاباته بالغة. حملناه معنا في السيارة، كنت أحدث نفسي و أقول سألقنه الشهادة كما فعل زميلي الأول، عندما حملناه سمعناه يهمهم بكلمات تخالطها أنات و آهات لم نفهم منه شيئا، أسرعنا الى المستشفى، بدأت كلماته تتضح، إنه يقرأ القرآن بصوت ندي، التفتنا اليه فاذا هو يرتل في خشوع و سكون، سبحان الله، الدم قد غطى ثيابه و قد تكسرت عظامه بل هو على ما يبدو على مشارف الموت، أسرعنا المسير جدا، استمر يقرأ بصوت جميل يرتل القرآن، لم أسمع في حياتي مثل تلك القراءة {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ {فصلت/ 30} نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ {فصلت/ 31}نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ {فصلت/ 32}. أنصت أنا و زميلي لسماع ذلك الصوت الرخيم، أحسست برعشة في جسدي، فجأة سكت ذلك الصوت، التفت الى الخلف فاذا به رافع أصبعه السبابة يقول" لا اله الا الله" ثم انحنى رأسه، أوقفت السيارة، قفزت الى الخلف، لمست يده، أنفاسه، قلبه، حركته لا شيئ، فارق الحياة، قفزت أنظر اليه و أنا أبكي، التفت الي صاحبي، صرخ بي ماذا حدث، قلت مات الشاب، مات و هو يقرأ القرآن، مات، انفجر صاحبي باكيا، أما أنا فلم أتمالك نفسي، أخذت أشهق و دموعي لا تقف؟، أصبح منظرنا داخل السيارة مأثرا، واصلنا سيرنا الى المستشفى، سألنا أهله عنه فاذا هو قانت آناء الليل و أطراف النهار.
أما يعتبر بذلك أولئك، الذين يسمعون الغناء في سياراتهم و فى أسفارهم، بل من سماعات في آذانهم وهم يقودون دراجاتهم أو يركبون الطائرات {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {الأعراف/ 99} أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ {الأعراف/ 100}.

يا سامع الغناء، أما تعتبر بهذا. قال عقبة بن عامر رضي الله عنه في بيان أحوال المسافرين على دوابهم، قال"من قرأ- آي أثناء سيره – كان رديفه ملك-يعنى يصحبه ملك-، و من تغنى كان رديفه شيطان". فأين الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، أفلا تكون منهم، أين الذين جائهم أمر الله قالوا {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}. هذه رسالة الى مستمع الغناء، و رسالة ثانية أهمس بها في أذن كل مغن فأقول:
أنت عبد لله، تقف بين يديه خمس مرات في اليوم، و كل ذرة من ذرات جسمك بل كل نفس من أنفاسك لا يتحرك الا باذن خالقك، فهل سألت نفسك يوما، كيف علاقتي معه؟، هل هو راض عني أم لا؟، كيف سيكون اللقاء يوم القيامة؟، أنت وحدك الذي تستطيع أن تجيب عن هذه الأسئلة، و السيئات قسمان: قسم لازم لفاعله لا يتعدى الى غيره كشرب الخمر و النظر الحرام، و قسم يتعدى الى الغير كالغناء و الزنى، و ما تفعله أنت أيها المغني الآن هو من القسم الذي يتعدى الى الغير، فعليك وزرك و وزر من سمعك أو سمع شريطك الى يوم القيامة. و طوبى لمن مات و ماتت معه سيئاته، و ويل لمن مات و عاشت سيئاته بعده خمس سنين، و عشر سنين و عشرين سنة، فهل تتحمل هذا!!. قال صلى الله عليه و سلم"من دعى الى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه الى يوم القيامة من غير أن ينقص من آثامهم شيئا". و قد جعل لك الله عينين و لسانا و شفتين، هل
يكون جزاءه منك أن تحاربه بها بدل أن تسخر هذا الصوت لقراءة القرآن والتغني به، و البصر للنظر في المصحف، و اليدين و الرجلين للصلاة، استسخرتها في اقامة المنكر و دعوة الناس اليه، و بصراحة مات من مات من المغنين و قد كنت تجتمع معهم في الدنيا، هل تتمنى أن تجتمع بهم في مكان واحد يوم القيامة؟، لا أدري؟، و الموت ان لم ينزل بك اليوم نزل بك غدا،
فأين وجهك يوم تبيض و جوه و تسود وجوه، أين تذهب بوجهك يوم أن يعلم النبي عليه الصلاة و السلام أن أمته قد عكفت على الغناء و الموسيقى بسببك؟، أين تذهب بوجهك يوم تعلم أن الناس سهروا الى الفجر على صوتك و زمرك؟، أين تذهب بوجهك اذا بعثر ما في القبور و حصل ما في الصدور؟، أين تذهب بوجهك اذا سال عرقك وانتفض جسدك و طار فؤادك و وقفت بين يدي الله و سئلت عن عملك، فاذا هو عشرون أغنية و ثلاثون لحنا و أربعون حفلة، و لا تحفظ من كتاب الله جزء، و اذا أصحابك الذين ترجوا نفعهم يوم القيامة ما بين مغن و عازف، و سكير و راقص، {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ {فصلت/ 19} حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {فصلت/ 20} وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {فصلت/ 21}
أيها المغني، هل سمعت عن زازان الكندي، كان مغنيا، كان صاحب لهو و طرب، فجلس مرة في طريق يغني و يضرب بالعود و له أصحاب حوله يطربون له و يصفقون. مر بهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فأنكر عليهم فتفرقوا،فأمسك ابن مسعود بيد زازان ثم هزه و قال" يا غلام ما أحسن هذا الصوت لو كان بقراءة القرآن"، ثم مضى فصاح زازان بأصحابه و قال" من هذا؟"، قالوا" هذا عبد الله بن مسعود"، قال" صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم؟"، قالوا"نعم"، فبكى زازان ثم قام و ضرب بالعود على الأرض فكسره ثم أسرع فأدرك ابن مسعود و جعل يبكي بين يديه، فاعتنقه عبد الله ابن مسعود و بكى و قال"كيف لا أحب من أحبه الله"، ثم لازم زازان ابن مسعود حتى صار اماما في القرآن بعد أن كان اماما في المعازف و الألحان.

فأعتزل ذكر الأغاني و الغــــزل..
و قل الفصــــل و جانب من هزل..
ان اهنئ عيـــشة قضيــــتها..
ذهبــت لـــذاتها و الإثم حــل..

أ ثم أقول، ألا تخاف و أنت تهيج المشاعر و الشهوات، و تحرك الغرائز و اللذات، ألا تخاف أن يبتليك الله في عرضك، في ابنتك أو زوجتك و ربما ابتلاك بأختك و قريبتك، و أنت رجل مسلم نعلم أنه لا تزال فيك غيرة على محارمك. ذكر الخطاب في عدالة السماء أن رجلا تاجرا بعث أحد أولاده ببضاعة له الى بلد بعيد، و لما أراد ولده أن يغادر، قال له أبوه"يا بني احفظ عرض أختك في سفرك"، فعجب الولد"كيف أحفظ عرضها و هي في البيت عندك؟"، قال له أبوه" احفظ عرضها و ان كنت بعيدا عنها"، مضى الولد و سافر. مضت الأيام و كان في قريتهم شيخ كبير فقير يطوف في

البيوت و يبيع الماء، أتى في أحد الأيام، ففتحت الفتاة الباب لهذا السقى فدخل كعادته و سكب ما في قربته في آنيتهم و الفتاة واقفة عند الباب تنتظر خروجه لتغلق الباب، فلما مر بها خارجا، مال اليها و قبلها قبلة سريعة و مضى، و هو شيخ كبير لم يعرف عنه السوء أو الخيانة، رآه أبوها من أحد النوافذ فسكت، فلما عاد الولد بدأ يحدث أباه بما رآى و باع و اشترى و الأب مطرق ساكت، حتى اذا فرغ الولد قال له أبوه"ألم أقل لك أن تحفظ عرض أختك في سفرك؟"، قال الولد" و ماذا فعلت؟"، قال" أصدقني، على تعرضت لإمرأة في سفرك؟"، قال الشاب"نعم، أصبت من امرأة قبلة"، فقال أبوه"نعم، دقة بدقة، و لو زدت زاد السقى، و من يزني يزنى به و لو بجداره"، ان كنت يا هذا لذيذا فافهم. أسأل الله تعالى أن يهدي جميع المغنين و أن ينقلهم من غنائهم لطاعة ربهم و الدعوة الى دينهم.
و رسالة ثالثة، أبعثها للذين جعلوا أنفسهم مسوقين لمزامير الشيطان، و الى أولئك الذين يتعاونون معهم على الإثم و العدوان فيأجرون محلاتهم لمن يبيع الغناء أو يوزعون الأشرطة لهم، و الى أولئك الذين يجعلون الموسيقى في وقت الإنتظار أو في أجهزة الجوال أو يجعلون أجراس جوالاتهم أنغاما موسيقية، فيسمعون الناس المعازف رغما عنهم، و الى أولئك الذين يرفعون أصوات الغناء من سياراتهم أو من أجهزة التسجيل في الحدائق و المنتزهات. الى هؤلاء جميعا الذين هم في الحقيقة يتعاونون على اشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، أقول لهم { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النور/ 19} ، فكم من أعراض بسبب هؤلاء انتهكت، و كم من أموال أهدرت و فضيلة تلاشت وأوقات ذهبت، هؤلاء كلهم تعود أوزارهم على من دل على الغناء أو نشره، و من دعى الى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه الى يوم القيامة. سبحان الله، هل أغلقت أبواب الرزق في وجوه أولئك الذين يبيعون الغناء أو يأجرون المحلات لمن يبيعه، حتى لم يجدوا الا باب الحرام، و الله اذا حرم شيئا حرم ثمنه و كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به، و لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها و أجلها، فاتقوا الله و أجملوا في الطلب. ثم ألم تعلم يا رعاك الله أن الذي يأكل الحرام لا تستجاب له دعوة، هل أنت مستغن عن ربك عز و جل و عن دعاءه، قال سعد بن أبي وقاص يوما للنبي صلى الله عليه و سلم" يا رسول الله، ادعو الله أن يجعلني مستجاب الدعوة"، فقال له صلى الله عليه و سلم(يا سعد، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)، و قال صلى الله عليه و سلم فيما رواه مسلم(أيها الناس، ان الله طيب لا يقبل الا طيبا، و ان الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال عز و جل
{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ {المؤمنون/ 51}
، وقال{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ، ثم ذكر صلى الله عليه و سلم (الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه الى السماء، يا ربي يا ربي، و مطعمه حرام و مشربه حرام و ملبسه حرام و غذي بالحرام، فأنا يستجاب لذلك). و من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ذكر ابن رجب في" نيل الطبقات" في ترجمة أبي بكر الأنصاري البزاز أنه قال"كنت مجاورا لمكة حرسها الله و أنا رجل فقير، فأصابني يوما جوع شديد، فخرجت من الحرم أبحث عن طعام فلم أجد، فبينما أنا أسير وجدت كيسا من حرير مشدودا برباط من حرير فاخر فأخذته و جئت به الى بيتي، حللته فوجدت فيه عقدا من لؤلؤ لم أرى مثله قط، فربطته و أعدته كما كان و حفظته في البيت، ثم خرجت أبحث عن طعام، فاذا بشيخ من الحجاج ينادي و يقول"من وجد كيسا صفته كذا و كذا، و له خمس مئة دينار من الذهب جائزة"، قلت في نفسي أنا محتاج و جائع فآخذ هذه الجائزة و هذه الدنانير لأنتفع بها و أرد له كيسه، فصحت به تعال الي، فأقبل الي مستبشرا، فأخذته الى بيتي و سألته عن علامة الكيس و علامة اللؤلؤ و عدده و صفة ما فيه فأخبرني به فاذا هو كما كان، فأخرجته و دفعته اليه، فسلم الي خمس مئة دينار، الجائزة التي ذكرها، قلت له لا، هذه أمانة و يجب علي أن أعيده اليك و لا آخذ منك جزاء، قال لابد أن تأخذه و ألح علي و أنا و الله أحوج ما أكون الى ذلك المال، فأقسمت ألا آخذ درهما واحدا و تركتها لله. فمضى الشيخ و تركني و أكمل حجه و رجع الى بلده، و أما أنا فاشتدت علي الفاقة حتى خرجت من مكة و ركبت البحر في مركب قديم مع جماعة فأصابنا وسط البحر موج عظيم و أهوال و رياح فتكسر المركب و غرق الناس و هلكت الأموال و سلمني الله من بينهم و تعلقت بخشبة حتى قذفني الموج الى جزيرة، فنزلت فاذا فيها قوم مسلمون و اذا هم جهلة أميون لا يقرأون و لا يكتبون، فذهبت الى مسجدهم و صليت و قمت أقرأ القرآن، فلما رآني أهل المسجد اجتمعوا الي فلم يبقى في الجزيرة أحد الا قال لي علمني القرآن، فعلمتهم القرآن و حصل لي منهم خير كثير، ثم رأيت في مسجدهم مصحفا قديما ممزقا، فأخذته و أصلحت من أوراقه، جلست أقرأ فيه، فقالوا لي عجبا أتحسن القراءة و الكتابة، قلت نعم، قالوا علمنا، قلت لا بأس، فجاءوا بصبيانهم و شبابهم فأخذت أعلمهم و حصل لي من ذلك خير كثير و رغبوا في بقائي معهم، فقالوا لي" عندنا جارية يتيمة معها شيئ من الدنيا نريد أن نزوجها لك و تبقى معنا في هذه الجزيرة"، فتمنعت فألحوا علي و ألزموني حتى أجبتهم، فجهزوها لي و أقاموا لذلك وليمة، فلما دخلت عليها فاذا بالعقد الذي رأيته بمكة معلق في عنقها، فدهشت لذلك و أخذت أحد النظر الى العقد و غفلت عن الفتاة فقال لي

بعض أهلها" يا شيخ، كسرت قلب اليتيمة، لم تنظر اليها و انما تنظر الى مالها و عقدها"، قلت ان لي مع هذا العقد قصة، قالوا" ما قصتك؟"، فأخبرتهم بخبري مع الشيخ الحاج الذي أضاع العقد ثم أعدته اليه، قالوا"ما صفة ذلك الحاج؟"، فأخبرتهم بوصف ذلك الشيخ، فلما أتممت القصة صاحوا و ضجوا بالتهليل و التكبير، قلت سبحان الله ما بكم؟، فقالوا" ان الشيخ الذي رأيت بمكة، صاحب العقد هو أبو هذه الصبية، و كان يذكرك بعد عودته من الحج و يقول، و الله، ما رأيت مسلما كذاك الذي رد علي العقد بمكة"، و كان يدعو و يقول"اللهم اجمع بيني و بينه حتى أزوجه ابنتي"، و توفي الشيخ و حقق الله دعوته". قال" فدخلت بالفتاة، فبقيت معها مدة من الزمن، فكانت خير امرأة، رزقت منها بولدين، ثم توفيت، فورثت العقد أنا و ولداي، ثم نزل بولدي نازل فماتا، فورثت العقد منهما فبعته بمئة ألف دينار"، قال ابن رجب" و لازال هذا القاضي ينفق أموالا عظيمة، فاذا سئل من أين لك هذا المال؟، قال هذا من بقايا ثمن العقد المبارك". و من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
و رسالة أخيرة الى فريق من أحبابنا، طهروا أسماعهم من الغناء، لكنهم انشغلوا بسماع آخر، و هم المبالغون في استماع الأناشيد الإسلامية. نعم، أنا لا أنكر أن النبي عليه الصلاة و السلام سمع الأشعار و ربما سمع الحدامة في الأسفار، لكنك لو تأملت في الأناشيد الموجودة اليوم، لوجدت فيها توسعا كثيرا. و عموما يمكن تقسيم الأناشيد الى ثلاثة أقسام:
الأول: أشعار راقية تحث على الجهاد و معالي الأخلاق، و يتغنى بهذه الأشعار رجال ينشدونها بألحان جادة ليس فيها تغنج و لا آهات، فهذه لا بأس بسماعها على ألا يكثر المرء من ذلك بل لو سمعها أحيانا في سفر و نحوه فلا بأس.
القسم الثاني: أشعار فيها معاني الحب و الغرام و آهات الفراق و ان كانوا يسمونه حبا في الله و ينشدها شباب ينعمون أصواتهم و يكثرون من المؤثرات الصوتية و يبالغون في ذلك حتى تكون ألحانها اشبه بألحان الغناء، اضافة الى ما يقع فيها من آهات و تأوهات و صرخات و ترديدات و خلفيات. فهذه لا ينبغي سماعها و لا الإشتغال بها و هي مشغلة لسامعها عن القرآن.
النوع الثالث: أناشيد يحرم الإستماع اليها وهي التي تكون بأصوات نساء أو التي يرافقها دف أو طبل، فهذه لا يجوز سماعها بل هي من المعازف المحرمة.



أسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعا بما سمعنا و أن يعيذنا من منكرات الأسماع و الأبصار. آمين. كما أسأله الله تعالى أن يجزي الإخوة الكرام الذين قاموا بالتنسيق لهذه المحاضرة خير الجزاء و أن لا يحرمهم الله تعالى الأجر و الثواب، كما أسأل الله جل و على أن يعز الإسلام و المسلمين في كل مكان، اللهم أعز الإسلام و المسلمين و اخذل الشرك و المشركين و دمر أعداءك أعداء الدين، اللهم من أرادنا أو أراد بلادنا أو أراد شيئا من بلاد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه و رد كيده في نحره، اللهم اجعل تدبيره تدميرا عليه يا قوي يا عزيز، اللهم عليك بالنصارى الظالمين و عليك باليهود الغاصبين، لا ترفع لهم راية و اجعلهم لمن خلفهم آية، اللهم انصر اخواننا في الشيشان و اخواننا في أفغانستان و اخواننا في كشمير و الفلبين و اخواننا في فلسطين يا رب العالمين، اللهم أقم في فلسطين راية الجهاد و اجعل قائدهم فيها أحب اليك و اكثرهم طاعة لك يا ذا الجلال و الإكرام. هذا و الله تعالى أجل و أكرم و أعلم و صلى الله و سلم و بارك على رسول الله.


عدل سابقا من قبل nour في الأربعاء ديسمبر 02, 2009 2:19 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour


منتدبات احلي حب Stars16



عدد الرسائل : 5
تاريخ التسجيل : 02/12/2009

منتدبات احلي حب Empty
مُساهمةموضوع: رد: منتدبات احلي حب   منتدبات احلي حب Emptyالأربعاء ديسمبر 02, 2009 2:08 pm

" قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
منتدبات احلي حب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سينما الجزائر :: 
{{ «=·- منتديات الأغاني والكليبات -·=» }}
 :: منتدى الأغاني العربية
-
انتقل الى: